حتى لا تدركنا المجاعة ..



بقلم |  فوزي محمد الأحمدي

يبدو أن العالم مقبل على أزمة غذاء طاحنة وذلك من جراء استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والتي بدورها سوف تطول . روسيا لن توافق على أن تضع الحرب أوزارها قبل أن يتم تلبية جميع مطالبها , والغرب بدوره وبقيادة أمريكا يصر على استمرار الحرب ضد روسيا حتى آخر مواطن أوكراني (الاستنزاف) من أجل إضعاف روسيا بوتين تمهيدا لتفكيكها , وأيضا يسعى الغرب من أجل اشراك أطراف أخرى في الحرب (كومبارس) .

روسيا وأوكرانيا يسيطران على معظم انتاج الحبوب في العالم وكل طرف يستخدم سلاح الحبوب من أجل الإبتزاز وتسجيل المزيد من النقاط .

روسيا تشترط رفع العقوبات الغربية عنها حتى تسمح بتصدير الحبوب , و أوكرانيا بدورها تشترط فك الحصار وايقاف الحرب حتى تواصل تصدير الحبوب .

من الضحية

الضحية هو العالم الثالث وبالذات إفريقيا والدول العربية وبالذات الخليجية , التي تستورد كل شيء من الخارج (الدواء والغذاء والسلاح) ومن الإبرة حتى الطائرة . ومما زاد الطين بلة أن دول أخرى منتجة للحبوب والزيوت مثل الهند وماليزيا وحتى السودان وغيرها بدأت تمنع تصدير الحبوب تحت طائلة العقوبات . حقا الأمن الغذائي العالمي في خطر وكلما طال أمد الحرب كلما استفحلت الأزمة الغذائية في العالم .

لا أستغرب أن تبدأ الدول بالسطو على السفن التي تحمل المواد الغذائية إذا وقعت المجاعة وبالذات من قبل الدول الكبرى (ضباع العالم) .

كما حصل عندما انتشر وباء كورونا وبدأ البعض من هذه الدول بالسطو على السفن في أعالي البحار والاستيلاء على المستلزمات الطبية التي تحملها . لقد قامت وزارة الزراعة والمياه بتقنين زراعة القمح والاعلاف تحت مسمى اعادة تنظيم القطاع الزراعي وترشيد استهلاك المياه الجوفية . هذا القرار قد يكون له ما يبرره في ذلك الوقت . ولكن الآن المملكة تعد من أكبر الدول العربية المستوردة للحبوب حاليا , والعالم مقدم على أزمة غذاء عالمية لا محالة , وبالتالي لا بد من اتخاذ قرار عاجل بالسماح بزراعة الحبوب والاعلاف من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي أو حتى الحد الأدنى . ولقد سبق وأن حققت المملكة الاكتفاء الذاتي من القمح بل وقامت بتصدير الفائض منه . علما بأن البنية التحتية والمعدات الزرعية متوفرة لدى المزارعين فقط الأمر يحتاج إلى قرار , على أن يستمر ذلك حتى انتهاء الحرب , أما على المدى البعيد فلا بد من التوسع في زراعة المحاصيل الزراعية والحبوب والاعلاف التي تتحمل قسوة المناخ والملوحة وذات الانتاجية المرتفعة . وأيضا لا بد من استغلال مياه المجاري المعالجة ثلاثيا في زراعة الاعلاف من أجل الاكتفاء الذاتي من المنتوجات الحيوانية والحليب والألبان , وايضا نحن نملك شواطىء بحرية تمتد إلى الآف الكيلو مترات ولا بد من استغلاها في صيد الاسماك واقامة المزارع السمكية والتصدير للخارج .