ماذا تريد يا جدول الضرب ..



بقلم : أ. خلود السالمي

 

يُعتبر جدول الضرب من المهارات التي يجب على الطالب أن يتعلمها في المرحلة الابتدائية، فمهارة حفظ جدول الضرب أساس لا مفرّ منه، وحفظ هذا الجدول لا يستدعي إضاعة الوقت في استخدام الآلة الحاسبة، كما أنّها تساهم في زيادة الثقة بالنفس، ولا تتوقف أهمية جدول الضرب على مادة الرياضيات التي تُدرّس بالمدارس بل تصل للحياة المنزلية اليومية، والعملية، واللعب، والسفر، فهي تساعد في سرعة إجراء الحسابات وتوفير الوقت والجهد.

وقد قرّرت في هذا المقال الحديث عن أصعب مواجهات الطالب في المراحل الدراسية وهي مرحلة حفظ جدول الضرب كلنا نعلم بأنّ المجال التعليمي يهدف إلى مشاركة الطالب في عملية التعليم داخل الصف بشكل مباشر، وعدم اقتصار دوره على تلقي المعلومات المرئية واللفظية فقط، بل يجب المشاركة الفعالة والتفكير، وربط ما يدرسه الطالب بحياته اليومية وكذلك اهتماماته الحياتية.

وأعتقد بأنّ المختصين في المجال التعليمي أشبعوا طرق التدريس حديثاً، ولم يتمّ القصور في هذا الجانب ذكرياتنا مع جدول الضرب كانت ذكريات صعبة جدا،  وحينما كبرنا شاهدنا أطفالنا يعانون أكثر مِنْ حفظ هذا الجدول، والسبب الرئيسي يكمن في تركيز معلم مادة الرياضيات على الحفظ قبل الفهم، والتسميع بطريقة معقدة سواءاً من المعلم في المدرسة أو حتى من الوالدين في المنزل، مِمّا سبّب للطالب عقدة كبيرة جداً أدّت إلى الخوف الكبير، وفقدان الثقة بالنفس، فتجد المعلم، وكذلك الوالدين في المنزل يغضبان من الطالب ويوجهان له عبارات محبطة، وربما يصل الأمر للضرب في بعض الأحيان، ضاربين بمراعاة الفروق الفردية بين الطلاب والأبناء عرض الحائط، فالطلاب ليسوا سواسية، وكذلك الأبناء في المنزل ليسوا بنفس المستوى التعليمي والذهني، وهذه أقدار الله عزوجل، يجب علينا جميعا كمجتمع أن نعلم بأن هذا الطالب قابل للتطور مع مرور الايام وكلما ابتعد عن التوتر والخوف كلما أبدع وأنتج .

وطالما الحديث عن جدول الضرب فهي رسالة أوجهها مِن منبري هذا مباشرة إلى المعلمين والمعلمات بضرورة تذكر حديث رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ” أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ، عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ” يجب أن يكون لدينا فناً إنسانياً في طريقة فهم هذا الجدول قبل حفظه، كما يجب إيجاد الحلول الممتعة بإعطاء الطالب الأمان النفسي الذي لن يحتاج إلى تكلفة بقدر ما يحتاج لإنسان يتعامل مع إنسان،
وأن نحرص قبل الدخول في عمليات جدول الضرب باشاعة الابتسامة داخل الفصل وتخفيف رهبة الطلاب .

كم أتمنى أن نُكوّن جيلاً جديداً عاشقاً لمادة الرياضيات ولا نسمع أعذار الطلاب في هذه المادة بالذات بنسيان الكتاب والدفتر أو حتى كثرة الغياب عن حضور هذه المادة، عَنْ أَبي الدَّرْداءِ، ، قَال: سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ، يقولُ: منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ فِي الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ، وفَضْلُ الْعَالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ.

ختمة :
كتابة مقالي هذا لا يعني بأنّ المعلم مقصر بقدر ماهي رسالة فقط لتلك الشخصية التي هذّبت ثم علّمت وانتجت أجيال وأمم منهم الخلفاء ، السلاطين، الأمراء ،الوزراء ، قادة الجيوش، العلماء ، الأطباء ، المهندسين ، المثقفين ، وغيرهم.

فأساتذتنا أولئك الذين لا ينتظرون كلمة شكر من أحد ، لانهم يعلمون أن رسالتهم في الحياة أمانة لإلهام العالم.