لها عوْدة



بقلم : نسيبه علاَّوي

من قال أنَّ الفرص لا تعود واهم ..فالأيام دُوَل.. و المحطات ذهابٌ و إياب..و القطارات تتوقف لتستريحْ ما بين محطة و أخرىٰ..و ليس عليك إلا أن تتيقَّظ للمواعيد ، أنت سيِّد وقتك.. و أنتَ الذي تُعلن متىٰ و كيف و أين.. ما فاتك ستدركه بحسن تصرفك.. و سيكون لله عليك منَّة و فضلًا.. إذْ ستشكره -يومًا ما- لتأخيرٍ كان في ميعاد.. أو تقديم لآخر.. هو الآمر لكُنْ فتكون أو لا تكون .. و ما البشر و أقدارهم إلا ما بين الكاف و النونْ..

يتقطَّع القلب ألمًا علىٰ ما فات .. و ييأس بالأمل الذي هو آت.. و ما يدري أنَّ التدابير تُحاك من فوق سبع سماوات .. و القنوط طبع سوء في النفس البشرية يغلب تطبُّع الأمل فينا ..و تارة يغلبه.. و إذا الإنسان في عزِّ هذا السقوط يأتيه من الخير ما يرفعه و يجبره .. رحمةً من الله ..

هل رأيت الزهرة يائسة من تفتُّحها في ربيعٍ آخر؟ هل رأيتَ نهرًا يئس من جريانه فتوقَّف؟! هل رأيتَ سحابةً ملَّت العطاء فشحَّتْ؟!هل رأيت الطير كلَّ فما استفاق ليومٍ آخر؟!

مع كل شمسٍ هناك بزوغ..و ما الليل إلا طارئ.. و ما سواده إلا إيذانًا بالإشراق..
و إنْ طال.. و لو أنَّ هذا الكون بتدبير بشر لما دام .. و لتدمر من تذمرهم مذ لحظة تكوينه .. و لكنه تدبير العليم الخبير .. يبعث الحياة من رحم الموت ..يرشق البذر في وسط الصحاري .. ثم يأذن للماء أن يُحييها ..يُبيد أممًا و يُنشئ غيرها.. يُشعل حروبًا فيُنبت سلامًا من تحت ركامها.. أفيعجزه أن يهبك منحة ألهية غير تلك التي فاتتك؟! و هل تُراه يغيب عنه حزنك؟! و أمانيك و ابتهالاتك أتظن أنه ما سمعها و هانت عليه ؟! إنه يختار لك الأنسب فلا تقنط.. و يصرف عنك الأسوء فتأمَّل.. و أعطاك أسرار استجاباته..و علَّمك كيف تُكفىٰ شرَّ أقداره ..و ألهمك مناجاته.. ليس لشئ إلا لكي تهنأ.. و تقر عينك و يُجبر كسرك و تُحقق أمنياتك .. تلك التي ظننتها فرصًا لن تعود.. فيبدلها الله لكَ بأخرىٰ أجمل…..