سن الأربعين ..



الكاتب والإعلامي |  أ عادل النايف

حينما يتقدم بنا العمر ، تتغير بعضًا من المفاهيم لدينا لماذا؟

لأن دائرة الإدراك و المعرفة كانت أكبر مما كنا عليه في السابق .

الإدراك : خلق الله الإنسان العظيم و كرمه و أنعم عليه بنعمة ، “العقل” و البصر و السمع و الفؤاد .

والإدراك هي العملية الذهنية التي من خلالها يفسر و يترجم الفرد انطباعاته الحسية ، ويعتبر هو السلوك الذي يستخدم فيه الفرد خبراته ، و الإدراك عملية ذهنية تساعدنا في تفسير و فهم مايحيط بنا .

بعد ذلك يكون هناك المؤثرات البيئية .
“و هل الفرد من غير إحساس لايدرك شيئًا”
“وهل هناك فرق بين الإدراك و الإحساس”

البعض قد يقول أنه ليس هناك فرق بين الإحساس و الإدراك ، و لكن في الحقيقية وجهة نظري تختلف و تبقى وجهة نظر تطرح ولا تفرض ، أقول الإدراك أكثر شمولًا من الإحساس ، لأنه عملية معرفية ذهنية ، و تدرك ماحولك ، بمعنى لوقال لك شخص تراجع قليلًا للخلف دون أن ترى للخلف و بعد ذلك بالفعل تراجعت وسقطت في (حفرة) هنا نقول لم تدرك ماحولك ، من المفترض أن أكون مدركًا ماحولي .. مثال تلك (الحفرة) التي كانت خلفي ، يجب أن أدرك كيف أتجنب هذه المخاطر ، البعض يرى ويشاهد بعينه تلك المخاطر و لكن لايدرك ، والبعض يكون مدخنًا و بشراهة أيضًا ، ولكن للأسف لايدرك مايفعله ، هنا الفرق بين الإحساس و الإدراك .

هناك الإدراك العقلي ، والإدراك الحسي ، و الإدراك البصري ، و الإدراك الاجتماعي .

الإدراك العقلي هو أن تكون مدركًا للمفاهيم و الحقائق كمفاهيم الحياة و المنطق ،، و العقل و الدماغ هو المسؤول عن تكوين هذه المفاهيم ، إذًا أنا مسؤول عن نتائج أفعالي .

الإدراك الحسي هو عبارة عن الاستجابة الكلية للمنبهات الحسية الصادرة عن المثيرات الخارجية و التي يستقبلها الفرد عن طريق الأعصاب الحسية الموجودة في الأعضاء الحسية .

“قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه و من عمي فعليها و ما أنا عليكم بحفيظ”

هنا”أبصر” هو الإدراك بحاسة البصر.

الإدراك الاجتماعي بالمختصر هو علاقة الشخص مع الآخرين ، بمعنى لكل فرد سلوك و معتقد و فكر مختلف عن الآخر ، عندما نختلف مع شخص ما في وجهات النظر هذا أمر طبيعي و كوني ، ولكن الأمر المرفوض هو فرض وجهة النظر و نقد الطرف الآخر لشخصه و ليس نقد الفكرة أو الأمر الذي دار عليه الحوار .

التقدم في العمر أمر طبيعي وهو جزء لا يتجزأ من دورة الحياة .

التغير الإيجابي بعد الاربعين :

يكون الإنسان أكثر تعقلًا و حكمة ولديه الخبرة التي لم يمتلكها في سن ماقبل الاربعين .

من وجهة نظري أعتبر سن الاربعين هو السن الحقيقي للإنسان ، لأنه سن الخبرة و النضوج و الإدراك و المعرفة .

نعم هناك عند البعض و تعتبر الفئة الأقل ، و هي كما أطلق عليها علماء النفس “المراهقة المتأخرة” يكون هناك تصرفات قد لاتليق برجُل الاربعين .

عمر الأربعين عمر مميز و هو عمر الإنسان الوحيد الذي ذكره الله في كتابه وجعله سنًا لبلوغ العقل تمامه ورشده فقال تعالى ” حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة  قال رب أوزعني  أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وان أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك واني من المسلمين ” ويقول ابن كثير في تفسيره للآية الكريمة ” ابن الأربعين  لا يتغير غالبًا عما يكون عليه ، وفي الأربعين يتناهى العقل ، ويكمل الفهم والحلم ، وتقوى الحجة ” وليس أدل على ذلك من أن الأنبياء بعثوا إلى أقوامهم بالرسالة بعد بلوغهم الأربعين .

لو عاد بنا الزمن للخلف قليلًا ، هل نتصرف نفس التصرف السابق ؟

الأغلب و الكثير منا سوف يقول بالطبع لا ، سوف أتصرف بحكمة و تصرف مختلف عن السابق .

هل نستطيع تغيير الماضي ؟

أكيد لا نستطيع تغيير الماضي و لكن نستطيع أن نغير نظرتنا للماضي ، بمعنى نستفيد من تجاربنا التي كانت في الماضي و نعدل السلوك الخاطئ و نعيش الحاضر و نرسم الأمل للمستقبل و نتفاءل و نعمل على تطوير الذات .

الأمل لايأتي من فراغ ، هناك قيمة إيمانية عظيمة في النفس المطمئنة ، هي التوكل على الله و الثقة به و حُسن الظن .

ومازلت في سن الأربعين و أبحث عن العلم و المعرفة.