تفقدوا من حولكم



بقلم الأستاذة : نسيبه علاوي

كلُّ بابٍ مغلقٌ على ما وراءه ..و لا بدَّ من طرقه لتعلم الحال ، و رُبَّ جارٍ أو أخٍ لكَ مستعفف لا يجد إلا ما يسدُّ الرمقْ..استفقدته فكفيته ذلَّ المسألة، هي سنةٌ نبوية كريمة أوصىٰ بها الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم في جميع الأحوال و الأوقات ،فما بالنا بوقتٍ عصيبٍ يمرُّ علينا الآن لم نشهد لمثله وقتًا؟!

فالكل منَّا تعرض فيه لهزةٍ عنيفةٍ قلبت حياته رأسًا على عقب ..و بين شعور الصدمة و الرضوخ لهذا الواقع الجديد ..و انتظار الفرج .. ظهرت معانٍ و حاجاٍتٍ مخبأة بين طيَّات المحنْ..كرباتٍ -سمعنا بها و أخرى بها لم نسمع- مرَّت على كافة أطياف المجتمع ..من قريب أُغلق مصدر رزقه ،و جارٍ ضرَّ به الحجر.. و أخٍ انقطعت سُبل التواصل معه فأُسقط بما في أيديهم ،و ربَّ صدقةٍ في الخفاء بقالب عطاءٍ أو رمز هدية يُدفع بها عنك سوءًا ..و يُطفأ بها غضب الرب ،و هناك من منَّ الله عليه بنور البصيرة ..رأى صدعًا فرأبه و أحسَّ حاجةً لأخيه فسدَّها ..فطوبىٰ له.

هذه أيام تمحيص أراد الله بها تعليمنا قيمة ما أنعم به علينا و استمرأناه فما أحسسنا له قيمة .. و عدَّيناه روتينًا عاديًا و أخذتنا به عجلة الحياة ، اليوم لنقف بصدقٍ مع أنفسنا ..لننظر لنواحي التقصير فنربأها.. و لنواحي الخير فنستزيد منها ..لنتفقد أحبتنا بأبسط الأشياء..بسؤالٍ عنهم قد نرفع بأسًا و نفرح قلبًا .. جيراننا.. عمَّال النظافة.. المستعففين البسطاء في الشوارع ..فقراء أحياءنا ..أصدقائنا .. حيوان ضالْ جائع في الحدائق و المنتزهات الخاليه و “في كلِّ ذات كبدٍ رطبة أجرا” .

رمضان على الأبواب ..و يكأنَّ الله يدعونا و ما يزال -أكثر و أكثر- إلىٰ الإحساس بالغير ..فإن كان الصوم مدعاة للإحساس بالفقير و الجائع ..فوالله لإنَّ هذه الأيام الحاجرة مدعاة للإحساس بالناس وكافة المخلوقات جمعاء ..مدعاةٌ للعطاء و البذل ،و الرابح من اغتنم الفرصة..و أعدَّ لأُخراه.