المنطقة الرمادية



بقلم الأستاذ : خالد بن محمد عويش

عندما يبلغ الإنسان مرحلة عمرية معينة تتملكه الكثير من المشاعر المتضادة ويعيش صراع مع ذاته ومقاومة الواقع العمري الذي فرض عليه .

يعيش هؤلاء في منطقة رمادية من العمر مليئة بالكثير من الغموض النفسي .

فتارة تجده قد تلبس برداء الوقار وتارة يجرفه الحنين نحو ما أفل من عمره لعله يعيش أدوار الطيش واللامسؤلية .

هذه المرحلة التي تأتي كثيراً عندما تغادر مرحلة الشباب والرجولة المكتملة مسرعا نحو مرحلة ذوي السن المتقدم والتي ستقودك حتماً نحو الكهولة راغما .

هذا الصراع الداخلي في تلك المرحلة تجعل صاحبها يعيش مخاضات سلوكية لا تعبر إطلاقا عن رزانة عقله الذي من المفترض أن يكون قد بلغها إلا أن مقاومته لتلك التغيرات العمرية تفرض عليه أن يحاول أن يتمسك بحبال النشاط والفتوة لعله يحافظ على الرضى النفسي الداخلي لتهدأ عندها مراجل الصراعات الذاتية التي جعلته لايعرف بوصلته ولربما تاهت اتجاهاته إلى غير رجعه .

رمادية المرحلة تولد طاقة إيجابية تتملك أصحابها ليكونوا ذا عطاء متدفق حتى لا تجرهم سنوات العمر نحو واقع يرفضونه .

القناعة بهذا الواقع تجعل منك تعيش الكهولة قبل أوانها وتنتظر ساعات القدر الحالكة قبل أن تأتيك ولربما لن تأتي .

تفهم المجتمع لهذه المرحلة مازال في محيط مفردات مليئة بالتوبيخ والعتب والملامة والكثير من الإزدراء .

لن يتفهم الكثير منا طبيعة هذه المرحلة حتى يبلغها ولذلك تجد قوالب التوبيخ ( متشبب ) و ( صبياني ) وغيرهما من ألفاظ تبعث على قمع محاولات ذوي المرحلة الرمادية أن يعيشوا رفاهية المرحلة ويستهلكوا طاقاتهم بما يجعلهم أشخاص ايجابيين ويستنفدوا مالديهم من أفكار وتطلعات جميلة ماينعكس عليهم برضى داخلي ينعكس بلا شك على محيطهم .

يختلف التحديد العمري للمنطقة الرمادية بمعطيات عدة من أهمها المكنوزات الصحية والثقافة الذاتية والأفق العقلي ولايمكن حصرها بمرحلة سنية معينة .