العشر الأواخر من رمضان إيذان برحيل ضيف عزيز ومغادرة موسم إيماني



تُعدُّ العشر الأواخر من رمضان لحظات تحمل طابعاً روحانياً خاصاً ، بشحذ الهمم ، والتقرب إلى الله ، وزيادة أعمال الخير طمعاً في هذه الأيام ولياليها وما تحمله من فضل وأجر عميم ، خاصة وأنها تشعر الصائمين بقرب رحيل هذا الضيف العزيز ، ومغادرة موسم إيماني مفعم بالخير والعطاء وأعمال البر، ففيه ليلة خير من ألف شهر ، يحرص الجميع على اغتنام ثوابها وطيب نفحاتها.

وكالة الأنباء السعودية “واس” سلطت الضوء على أوجه أعمال الخير ، وفضائل الأعمال التي تبذل تقرباً إلى الله في هذه العشر ، حيث تحدث عن فضلها عميد كلية القرآن والدراسات الإسلامية بجامعة جدة سابقاً والمدير العام لقناة المصطفى الفضائية الدكتور صلاح بن سالم باعثمان ، مبيناً أن العشر الأواخر من رمضان لها مزايا تفضلها عن غيرها من ليالي الشهر الفضيل ؛ وذلك لأنها الليالي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحييها كلها بالعبادة ،وتبدأ من ليلة الحادي والعشرين من الشهر الفضيل ، وتنتهي بخروجه.

وأشار إلى أن الأعمال الصالحة تتضاعف في الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك ؛إذْ جعل الله في العشر الأواخر من شهر رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر تكريماً منه -سبحانه وتعالى- لأمة محمد عليه الصلاة والسلام ، حيث تكثر حسناتها ويغفر الله الذنوب للقائمين في هذه الليالي المباركة ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصّ العشر الأواخر بعناية واجتهاد كبيرين ، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها من العبادة ويحرص على فعل الخير .

وأضاف أنه يُستحب للمسلم أن يحقّق في هذه العشر مفهوم العبودية لله في حياته ، وأن يركز على تزكية نفسه وإصلاح قلبه وذلك من خلال الإكثار من قراءة القرآن الكريم ، والتقرب إلى الله بالأدعية والأعمال الصالحة ، والاجتهاد بقيام الليل ، والعبادة، والحرص على فعل الخير وترديد جميع الأذكار ؛ لما لها من فضل عظيم والإنفاق والصَّدقة ، والدُّعاء ، إضافة للحرص على صلة الرَّحم ، والعفو ومسامحة الخلق.

بدوره أوضح الإمام والخطيب الشيخ محمد بن مجيدي الزهراني أنه على الرغم من مغادرة الثلثين من شهر رمضان ، واستعداد الضيف الكريم أنّ يفارقنا ، إلا أن الفرص مازالت قائمة والأبواب مُشرعة ، ليستدرك المتخلف ويلتحق المحروم ويستيقظ الغافل، قبل انتهاء الشهر وطي صفحات فضله ، حيث يُعدّ العمل في العشر الأواخر أفضل من عمل ألف شهر فيما سواها قال تعالى : ليلة القدر خير من ألف شهر ؛ أي ما يقدّر بـ 83 سنة و4 أشهر ؛ فهل من مشمّر لاستثمار ما بقي من موسم الخيرات الوفيرة والأجور الكثيرة والفضائل العظيمة.

وقال : على الرغم من أنّ العمل في شهر رمضان مُضاعف ، إلا أنه مضاعف أيضاً في ليلة القدر أضعافاً كثيرةً لا يعلمها إلّا الله ؛ وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، ووقت العشر الأواخر من رمضان قصير لا يحتمل التقصير ؛ فينبغي على المسلم الجدّ والاجتهاد في العبادة ، وعليه أن يُحسن اغتنام هذه الأوقات الفاضلة ، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.