اتباعاً لسنة المصطفى.. جموع المصلين يؤدون صلاة الاستسقاء في جميع المناطق



أدّى المصلون في جميع مناطق المملكة صلاة الاستسقاء، صباح اليوم، اتباعاً لسنة المصطفى -عليه أفضل الصلاة والسلام- عند الجدب وتأخر نزول المطر؛ أملاً في طلب المزيد من الجواد الكريم أن يُنعم بفضله وإحسانه بالغيث على أنحاء البلاد.

مكة المكرّمة

ففي مكة المكرمة، أدى المصلون صلاة الاستسقاء بالمسجد الحرام، يتقدمهم الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرّمة، وأمَّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، حيث ألقى خطبة أوصى فيها المسلمين بتقوى الله -عزّ وجلّ- ومراقبته وطاعته وعدم معصيته والتوبة إليه واستغفاره والتضرع إليه وسؤاله.

وقال “إن الله تبارك وتعالى أخبرنا في كتابه الكريم أن سبب هلاك الأمم قبلنا هو الذنوب والعصيان، قال جل ثناؤه: ﴿كدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، كما أنه من المقرر عند المؤمن أنه ما من بلاء يحلُّ بالمسلمين إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة”.

وأضاف، إن ما عم كثيراً من الأرجاء، وغدا في المجتمعات من الابتلاءات والأرزاء، لا منجي منه إلا لزوم التوبة والاستغفار للعزيز الغفار، قال تعالى عن نبيّه نوحٍ عليه السلام: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾، وقال سبحانه عن نبيّه هود -عليه السلام-: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، وقال جلَّ وعلا: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

ودعا المسلمين إلى الإخلاص في العبادة ولزوم السنة والجماعة والوسطية والاعتدال والبُعد عن الذنوب والمعاصي واجتناب والتساهل في حقوق العباد وتعزيز مجالات القدوة والنزاهة واحذروا الفساد والتعدي على الأموال العامة والخاصة وانتزاعها بالبهت والاحتيال، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، ومراقبة الله في خلقه والمعاملة بما يحب المرء أن يعامله الله من الرفق والرحمة وإعلاء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفع شعار الفضيلة والتجافي عن الرذيلة والحفاظ على العفة والحياء والحجاب والاحتشام.

وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أنه من آثار الذنوب حرمان الرزق، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه)، وما استجلب رزقُ الله بمثل تقوى الله، واجتناب المعاصي، فتقوى الله سبب الفلاح في الدنيا والآخرة، وجاء في الحديث (لن يهلك الناس حتى يُعْذَروا من أنفسهم) يعني أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم فيستوجبوا العقوبة ويقيموا لمن عاقبهم العذر في ذلك.

وأبان أن العالم اليوم يعيش ويترقب تحدياً جديداً يتمثل في نقص المياه، ويطالب المهتمون بتحقيق الأمن المائي؛ فإن من عظيم البشريات ما تقوم به بلادنا -بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله وأدام خيرها مدرارا- من إحياء هذه السُّنة القويمة في الاستسقاء والدعاء، مع الأخذ بالأسباب الشرعية والمعاصرة في توفير المياه عبر وسائل عديدة، منها: تحلية مياه البحر عالية الجودة، وإيقاف الهدر المائي، وتخفيض الاستهلاك الزراعي بالوسائل الحديثة، وتَبَنِّي الإستراتيجيات الوطنية للمياه؛ التي تعمل على تحسين إدارة الطلب على المياه، واستخدامها وترشيدها، مما يعزز الأمن المائي، ويؤدي إلي استدامة مائية أكبر في هذه البلاد المباركة.

المدينة المنوّرة

وأدّى جموع المصلين، اليوم، صلاة الاستسقاء في المسجد النبوي الشريف، يتقدّمهم الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، حيث أمَّ المصلين إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير، الذي بيّن في خطبته أن طمأنينة النفس وقرة العين وسكينة الفؤاد وسعادة الروح أن يكون العبد منكسراً بين يدي مولاه متذللاً لعظمته.

وقال: “مَن كملت عظمة الحق تبارك تعالى في قلبه علم قدر نفسه وافتقاره إلى خالقه في كل طرفة عين وانتباهتها وأن الله هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له، فحسبنا الله لما أنابنا، إياه نرجو وبه نستعين، فإذا انحبست الأمطار وجفّت العيون والآبار وعطشت النخيل والأشجار وأصبحت الأرض هامدة يابسة متطامنة قد انصاحت جبالها ويبست رياضها واغبرّت دروبها فلا يملك غياثها إلا الربّ الكريم الذي يدبر أمر الخلائق ولا يشغله شأن عن شأن ولا تغلّظه المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير بقدرته العظيمة ومنّته العميمة”.

وأضاف “العطايا من فضله تُرتَقَب، وهو المرجوُّ لكشف الكُرَب، فكم مِنَح أعطى، وكم مِحنٍ كفى، له الحمدُ والشكرانُ والمنُّ أجمعُ، يعفو ويمحو ويصفح، ويغفر ويستر ويمنح”، مبيناً أنه بالاستغفار تكفّر الذنوب السالفة والخطايا السابقة، ومن أكثر الاستغفار يسّر الله رزقه وسهّل عليه أمره وحفظ عليه شأنه”.

ومضى الشيخ البدير يقول: “إنّكم خرجتُم مستسقين مستغيثين فأظهِروا الحاجةَ والاضطرارَ والمسكنةَ والافتقار، واصدُقوا في التوبةِ والاعتذار، وأكثِروا مِنَ الاستغفار، واهجُروا الذنوبَ والأوزار، واجتنِبوا مواردَ الخسَار ومسارحَ البَوار، واحذَروا عمَلاً يقرِّب إلى النّار، وإيّاكم والتشاحنَ والتطاحن، وكُفّوا عن المآثم، فما نزلَ بلاء إلا بذنب، ولا رُفِع إلا بتَوبة، وادعوا دعاءَ الفريق في الدّجى، ادعوا وأنتم صادقون في الرَّجا، وظنّوا بربِّكم كلَّ جميل، وأمِّلوا كلَّ خيرٍ جزيل، فهو أوسَع من أعطى، خزائنُه ملأى، ويداه مبسوطتان ينفِق كيفَ يشاء، وهو واسعُ الفضلِ جزيلُ العطاء، حييٌّ كريم، يستحي أن يَردَّ يدي عبده إذا رفعهما إليه صِفرا”.

منطقة الرياض

وفي منطقة الرياض، تقدّم الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة، جموع المصلين بجامع الإمام تركي بن عبدالله.

وأدّى الصلاة معه المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وصاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز بن عيّاف أمين منطقة الرياض، وعدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.

وقد أمَّ المصلين عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الذي أوصى في خطبته بتقوى الله والتضرع والإنابة إليه -جل وعلا- والمسارعة إلى التوبة وبذل الخير، مؤكداً فضل الاستغفار والحث عليه وما يعود به على الإنسان والأمة من خير وفرج عظيم.

وأشار آل الشيخ، إلى الأحاديث الواردة في طلب نزول الغيث وما يجب على المسلمين من واجبات إيمانية والنوافل وإصلاح النفس ورجوعها إلى الله -عزّ وجلّ-.

باقي المناطق

وأُقيمت الصلاة في مختلف مناطق المملكة، حيث تقدم المصلين في منطقة نجران، الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة نجران بمصلى الإمارة.

وفي منطقة القصيم، الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير المنطقة، وذلك بجامع الأمير عبدإلاله ببريدة.

وفي منطقة الجوف الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز أمير المنطقة، وذلك بجامع خادم الحرمين الشريفين بمدينة سكاكا.

كما تقدم المصلين في منطقة حائل الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير المنطقة بجامع الملك فهد بحائل.

وفي المنطقة الشرقية، تقدم الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية والأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب أمير المنطقة جموع المصلين بجامع الملك فهد بمحافظة الخُبر.

وفي محافظة الأحساء، تقدم الأمير بدر بن محمد بن جلوي محافظ الأحساء جموع المصلين بجامع خادم الحرمين الشريفين بالهفوف.