إذا كبر ابنك ” احترمه” ..



بقلم | نسيبة علَّاوي

يظن الكثير من الآباء و الأمهات بأنه إذا رُزق بابن فسيكون ملكه و تحت تصرفه و اختياراته، و يُربيه غالبا على مبدأ “أنت و مالك لأبيك”فيُنشئه على الخوف منه، و التسلط عليه ، و التشكيك بما يعتقده، و الإستخفاف بما يقوله،و قد يصل الأمر إلى الإستهزاء بشكله أو هيئته،و تعييره بما فعله من أخطاء هي واردة ممن هم في مثل سنه، و اختيار أسوء الألقاب له همزًا و لمزًا.

أعرف أنَّ مثل هذا الكلام ثقيل على الآباء قرآته و سماعه أو حتى الإقرار بفعله عمدًا أو جهلًا مع أبناءهم، و أعرف أنهم قد سعوا و عملوا ما بوسعهم _من وجهة نظرهم_ لتربية صغارهم و لكن لا بد من وضع أيدينا على موضع الخلل و إصلاحه ما أمكننا فنحن لسنا ملائكة و نحن نجتهد لنُخرج لأنفسنا و أوطاننا أبناءًا بررة مليئين بالثقة و النجاح و السعادة، و ليس أبناءًا محبطين مكسورين مليئين بعقد نحن صنعنا أغلبها للأسف فيهم .

في سنوات الطفولة نربي أولادنا على السمع و الطاعة و نكون مسيطرين عليهم عقلًا و جسدًا ،و لربما في كثير من الأحيان ألغينا رأيهم و تغافلنا عن سماعهم بحجة أننا أدرى بمصلحتهم ،حدثناهم عن قناعاتنا و غرسنا فيهم مبادئنا ،حتى إذا ما كبرو و أصبحو على أعتاب الشباب تغيرو علينا،و أصبحو يميلون للإعتزازبأنفسهم و آرائهم و أسلوب حياتهم ،هذا شيء جيد يجب علينا تقبله إذا أردنا ألا نخسر أولادنا و ألا تقع المجابهة التي ستكرههم فينا ، إنها مرحلة طبيعية يمر بها الإنسان ليثبت ذاته و ليقول:” إني هنا” .

دورنا في هذه المرحلة مهم جدًا ، المثل يقول” إذا كبر ابنك خاويه” و أنا أقول من واقع تجربة: “إذا كبر ابنك احترمه” اعطه فرصة ليعبر عن رأيه،استمع له و وضح له وجهة نظرك دون النيل من رأيه و نسفه إذ إنه سيعاود التفكير فيما قُلت و خصوصًا إن كان ما قلتَ صحيحًا و بأسلوب هادئ و مقنع، احترم نفسك في حضرته و كأنه فعلًا ضيف عليك لأنه سيرحل عنك عاجلًا أم آجلًا و ستبقى الذكريات ، أظهر له أفضل صفاتك و أخلاقك لأنه لا يعني حين يكون ولدك أن تُظهر تبرمك و سخطك الدائم و وجهك العبوس و همومك في وجهه ،عامله في صغره كما تُحب أن يُعاملك في كبرك، عامله كصديق و احترم خصوصياته و أسراره” أسراره بالتحديد يؤلمه جدًا أن تذيعها ” و قد يعتبر حتى أفعاله العادية سرًا فلا يحب أن تتكلم عنه عند أحد و كأنه مادة للتسلية،احترم خطوطه الحمراء خصوصًا تلك التي يُنبهك عليها ،ركز في كل ما يقول أنه يضايقه و تجنب فعله ،ربِّ نفسك من جديد معه و به فالإنسان يفنى و ما يزال يتعلم ، أعنه على برك بالحنو عليه و تفهمه ،و إنَّ أولى الناس بحسن خلقك هم أهل بيتك .