أعيادنا الحالية تكاد تفقد بهجتها ورونقها



في زمننا الجميل وبعد ثبوت يوم العيد والذي يتم غالباً مع نهاية شهر رمضان أو برؤية هلال شهر شوال ونتلقى خبره عبر المذياع ومن ثم التلفاز في وقت لاحق يقوم كافة أفراد مجتمعنا بتهيئة أنفسهم استعداداً لهذا اليوم المفرح والسعيد من ملابس جديدة ، وتزين بالنسبة للنساء وتنظيف أمكنة مُعينة لاستقبال المعايدين والمهنئين بالإضافة لتحضير القهوة والتمر والحلويات وما يتوافر لديهم من مأكولات شعبية في أجواء روحانية يسودها الفرح والبهجة والسرور .

أما اليوم فلم يبق من ذلك الابتهاج والاحتفاء بالعيد سوى ما كان منه يتعلق بالأطفال حيث يتم اصطحابهم للملاهي والمنتزهات العامة لأشعارهم بفرحة العيد وتركهم يمرحون بما تجود بها من ألعاب مسلية ، فيما أصبح جلّ شبابنا اليوم ما بين نائمون أو منشغلون بأجهزة التواصل الاجتماعي التي بحوزتهم على مدار الساعة أو جالسون أمام التلفزة ويقلبون قنواتها الفضائية لمشاهد ما قد يحلوا لهم من برامج متنوعة أو متنقلون بين الاستراحات لقضاء معظم وقتهم  بعكس ما كان عليه جيل الماضي بمختلف فئاتهم وشرائهم يتزاورون فيما بينهم وعلى مدار ثلاثة أيام ولفترتين صباحا للرجال ومساءً للنساء مرددين عبارات ( عيدكم مبارك ، ومن العايدين ، وعساكم من عواده وكل عام وانتم بخير ) فضلاً عن اقامة حفلات مبسطة وفنون والعاب شعبية وأهازيج مسلية وممتعة.

ذلك لأن العيد لديهم ليس هو مجرد لبس الثوب الجديد والركوب على الحديد على حد قول أحد خطباء ذلكم الزمن الجميل ، وإنما يعني الشيء الكثير من مظاهر البهجة والسرور والتكبير والتهليل والتزاور ونبذ الخلافات الشخصية والتخلص من الضغائن والحقد والكراهية بالإضافة للترويح عن النفس بما هو مباح ودونما تكلف أو إسراف أو تبذير ، فالعيد لا شك أنه  شعيرة من شعائر الإسلام وأن المجتمع المسلم ليجد فيه ما يتيح لأفراده فرص تصافي النفوس وتآلف القلوب والتعاون على البر والتقوى .

يقول أحد الأصدقاء بهذه المناسبة : كم حز في نفسي ولأكثر من عيد وأنا استقبل التهنئة والتبريكات من بعض أبناء أخواني وأخواتي وهم أقرب الناس إليّ من خلال رسائل نصية يرسلونها إليّ عبر جوالاتهم ( قص ولصق ) وفي نفس الوقت تفتقر للعبارات التي تجسد معاني المحبة والاحترام والتقدير الذي يليق بمقامي ككلمة ( عمي ، أو خالي العزيز مثلا عيدكم مبارك ، أبنكم فلان) فقط لأجل تسقيط  الواجب أو لرفع العتب بينما كان من واجبهم علينا القيام بزيارتنا ومعايدتنا في منزلنا وخاصة ونحن قد بلغنا من السن عتيا ونقيم جميعاً داخل بلدة واحدة ولما في صلة للرحم أيضاً من ثواب عظيم عند الله تعالى في الدنيا والآخرة .

لذلك ما أحرانا نحن المسلمون للاهتمام بهذه الشعيرة العظيمة التي خصنا وميزنا بها سبحانه وتعالى عن بقية الأمم الأخرى التي تدين بغير ملتنا، والسعي الحثيث لإظهارها بالمظهر اللائق بها كما سار عليه أسلافنا ، فوالله لأن يقوم الشخص منا بمعايدة أقاربه وجيرانه وزملائه وأصدقائه لا سيما إذا ما كانوا داخل بلدة أو مدينة واحدة ويتصافحون ويتعانقون ويتبادلون التهاني والتبريكات وفي جو مفعم بالمودة والفرح والسرور والابتسامة لهو أبلغ الأثر الطيب في نفوس الجميع مقارنة بتلك الأجهزة التي تفتقر للمشاعر والاحاسيس كما أسلفنا.

قال تعالى ( ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) داعين الله أن يجعل أعيادنا كلها خير وبركة ، وأن يتحقق لأمتنا العربية والإسلامية كل ما تصبوا إليه من عز ورفعة ونصر وتمكين .

 بقلم الاستاذ عبدالفتاح أحمد الريس باحث تربوي ، وعضو الملتقى الإعلامي بمنطقة تبوك


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


مواضيع ذات صلة بـ أعيادنا الحالية تكاد تفقد بهجتها ورونقها

جميع الحقوق محفوظة صحيفة الراية الإلكترونية ©

تصميم وبرمجة شركة الفنون لحلول الويب