رسالة للنائمين في رمضان



بقلم الكاتب : محمد الهضبان

هل يأتي شهر رمضان سنوياَ للراحة والنوم؟ لماذا يرتسم الملل والكسل على وجوه العديد من الموظفين في عدد كبير من الجهات الحكومية مع وصول الشهر الكريم؟ ولماذا يتحول الصمت في أحيان كثيرة إلى عصبية وخروج عن الإطار تعبيرا عن الجوع والعطش؟
إنها الصورة السلبية التي يرسمها البعض عن نفسه ومجتمعه ودينه الحنيف سنويا للأسف، يتناسون أن الله جلت قدرته جعل الصيام تربية للأخلاق وتهذيب للمشاعر، وصيانة للجوارح عن كل أمور الدنيا، ويحمل الكثير من الفوائد العلمية والنفسية الاجتماعية التي لا حصر لها، والتي تنعكس بالإيجاب على صحة الإنسان.
لقد كشفت الدراسات التي أجريت في الغرب أهمية الصوم، حيث تستخدمه بعض الدول المتقدّمة كنظام علاجي للعديد من الأمراض وخاصّةً للتخلص من التدخين وإدمان المخدرات، ناهيك عن معالجة السمنة، ويعتبرونه من الأشياء الضرورية للإنسان كالغذاء والتنفّس والحركة والنوم؛ فلا يمكن الاستغناء عنه كي يبقى جسم الإنسان سليماً.
يخطئ هؤلاء الذين ينظرون للصيام على أنه وراء الكسل والتعب وقلّة الحركة؛ فالعلم يؤكد أنه يعطي راحة للجسم ويخلّصه من الشوائب الموجودة فيه، حيث تتوقّف عملية امتصاص المواد الباقية في المعدة وإخراجها من الجسم، وهي الوسيلة الوحيدة التي تساعد في التخلّص من السموم والتلوّث الموجود في الجو، ويساعد في عمليّة البناء والهدم واستعادة النشاط والقوّة، ويحسّن أداءها الوظيفي ويزيد من الثوابت الحيوية في الدم والسوائل، لذا ينصح الأطبّاء المرضى بضرورة عمل بعض الفحوص الطبيّة على الريق “صائم”، ويعيد الشباب والحيوية للخلايا والأنسجة الموجودة في الجسم
ومثلما يحافظ الصيام على الطاقة الجسديّة، ويعمل على توزيعها حسب ما يحتاجه الجسم، ويحسّن الهضم ويسهّل الامتصاص، ويصحّح الجسم من فرط التغذية، ويساعد على تفتّح الذهن ويقوّي الإدراك، يعيد للجلد نضارته ورونقه، ويساهم في الشفاء من بعض الأمراض، وتخفيف العبء عن جهاز الدوران، وتقليل نسبة الدهون والدسم في الدم، زيحدّ من تصلب الشرايين ومرض النقرس، وغيرها من الأمراض التي تصيب القلب، ويفيد مرضى السكّري، ويخلص الجسم من البدانة.
أظن أن الرسالة وصلت، وأن الأجابة باتت واضحة.. فالصيام حافز على النشاط وليس النوم، ولعل أحبابنا في المصالح الحكومية يتنبهون لذلك، ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينعم علينا بنعمة الصوم الحقيقية، ويعود الموظف إلى عمله بحماس وجدية، ويضع أمام عيناه أن الله يراقبه في كل عمل، وأنه كلما زاد الجهد والتعب خلال نهار الشهر الكريم زاد الأجر.. وأن يؤدي مصالح الناس ولا يؤخرها، ويكون رمضان شهر العمل والعبادة.