المشاكل التي تعترض الفن التشكيلي في المملكة ..



بقلم :  فوزي محمد الأحمدي

الفنان التشكيلي والخطاط والمصور الفوتوغرافي السعودي البارز أحمد الجدعان (بريدة) , قبل أيام قليلة وفي تغريدة جريئة له يختزل فيها أهم المشاكل التي تعترض الفن التشكيلي في المملكة قال فيها : أصحاب صالات العرض يسددون إيجار صالاتهم من جيوب التشكيليين , من خلال الإعلان عن معارض جماعية متلاحقة , وبرسوم تؤخذ من الفنانين وبشكل لايخدم الفن التشكيلي , حيث أصبح جمع المال هو المهيمن على هذه المعارض وليست القيمة الفنية . ظاهرة أراها بدت تطفو على السطح . لا شك أن المعارض الفنية من الوسائل الرئيسية التي يستطيع من خلالها الفنان التشكيلي أن يحقق الانتشار والتسويق , والأهم من ذلك كله نشر ثقافة الفن التشكيلي . ثقافة الفن التشكيلي في المملكة ما زالت مكانك راوح , وأصبح من المعتاد أن تقرأ في عناوين الصحف المحلية عبارات على وزن :(حضرت الأعمال ولم تحضر الجماهير , لم يتم بيع أي لوحة .. ) , الفن التشكيلي ليس فن عربي أصيل كما هو الحال مع المسرح والسينما (مرحلة الانحسار) . إغلاق صالات العرض تحول إلى ظاهرة عالمية . يجب أن نعرف أن صالات العرض ليست جمعيات خيرية , بل هي مشاريع استثمارية (الربحية) , في زمن تهيمن فيه الرأسمالية المتوحشة على المشهد الاقتصادي العالمي (دعه يعمل , دعه يمر) .

اعتقد أن مشاكل صالات العرض لا تكمن في التكلفة المالية فقط بل أيضا في الاستخدام المتعدد لها , وبالتالي لم تعد تتوفر فيها التجهيزات المادية والتقنية والبشرية التي تتناسب مع جميع الاستخدامات .

في دولة أوروبية وفي أحد المتاحف الفنية بقيت إحدى اللوحات الفنية معلقة في وضع المقلوب لمدة سنتين , دون أن ينتبه أحد إلى ذلك سواء من إدارة المتحف أو من الزائرين . حقا إن الفن التشكيلي المعاصر وبالذات التكعيبي والتجريدي والذي لا تكاد أن تعرف وجهه من قفاه (فن حلمنتيشي) . وهذه المدارس الفنية جاءت لتشويه الفن الرومانسي والواقعي . من يريد أن يشتري لوحة فنية بمبلغ وقدره يبتغي من وراء ذلك أن تضيف هذه اللوحة الفنية إلى منزله قيمة جمالية . لا أحد يملك ذرة من عقل ويعلق في منزله لوحة عبارة عن أشباح وأرواح ومربعات ومثلثات وبقع عشوائية موزعة في فضاء اللوحة (لطحات) , قد تحتاج إلى خبير في الفن التشكيلي كي يفك ألغاز وأحاجي هذا النوع من الفنون (الطلاسم), ويشرح لك مضمون الرسالة التي يريد الفنان إيصالها من خلال هذا النوع من الفن . الفن رسالة كما يزعم أهل الفن ولكن من المفترض أن تكون الرسالة واضحة للجميع وليست شيفرات سرية .

الغريب في الأمر أن البعض من أهل الفن التشكيلي وكي يدارون فيه فشلهم وخيبتهم يتهمون المتلقي (الجماهير) . وأن هذا النوع من الفن لا تستسيغه الذائقة الشعبية (الجهل) . إن الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله أن يحقق الفنان التشكيلي النجاح , يتمثل في العودة إلى الفن الواقعي (الطبيعي) الذي يستطيع أن يفهمه الجميع . أما محاولة تقليد الفن التشكيلي الغربي بمدارسه الشاذة فلن يحقق للفنان الشهرة والنجاح (هذه بضاعتنا ردت إلينا) يعني لا جديد . وخير دليل على ذلك أنه في العالم الغربي وفي كل زمان ومكان نجد هناك العشرات من الفنانين في العالم والذين طفقت شهرتهم الآفاق ( دافنشي . مونش , جوخ , بكاسو , دالي ..) , في المقابل أعطيني إسم فنان تشكيلي مسلم سواء كان عربيا أو اسلاميا حقق شهرة عالمية ؟! . لقد برز أكثر من فنان تشكيلي عالمي في أكثر من دولة أوروبية (هولندا , إيطاليا , إسبانيا ..) , لأنهم كانوا يعبرون عن ذاتهم وقيمهم المحلية , بحيث أن كل فنان من هؤلاء كان يمثل مدرسة مستقلة , كان البعض منهم يعاني من الأمراض النفسية ولكنهم جميعا لم يكونوا يعانون من عقدة الدونية (النقص) .

اعتقد أن النهوض بالفن التشكيلي يقع على عاتق كل من وزارة التعليم (الإعداد) , والثقافة (البنية التحتية) , والإعلام (الدعاية) , والسياحة (الترويج) . اخيرا الفنان التشكيلي كلما كانت لديه خلفية ثقافية كلما كانت لوحاته تتسم بالعمق والشمولية . وكلما اقتصد في الإنتاح كلما كان اقدر على الإبداع ، الفنان التشكيلي مثل الشاعر والممثل كلما زاد الانتاج او المشاركة عن المألوف كلما قلت الجودة والإتقان في الأعمال ( الاحتراق) . لأن الفن عبارة عن مشاعر وأحاسيس وليس ماكينة إنتاج .