انهيار الصحافة الورقية



يبدو أن الصحف الورقية في العالم الثالث كما هو الحال في العالم المتقدم , ينطبق عليها مقولة (دوام الحال من المحال)  تعددت الأسباب والنتيجة واحدة (الانهيار)  في دول العالم الثالث على الرغم من أن الكثير من هذه الصحف قامت باصدار النسخة الإلكترونية (التحول الرقمي) لا أن العقلية التي كانت تتحكم في الإعلام الورقي ما زالت تتحكم في الإصدار الرقمي ؟! نفس الوجوه وعدم وجود المنافس القوي وسقف الحرية المتواضع جدا , وعدم وجود المنافس القوي (الصحف المعارضة) . بل رأينا أن البعض من رؤساء الصحف الإلكترونية وقد استمروا في مناصبهم لمدة تزيد عن ربع قرن , وكذلك ينطبق الحال على كتاب الأعمدة والمحررين  والغريب في الأمر أن يطلق على هؤلاء الألقاب الرنانة وعبارات التفخيم والتبجيل .على الرغم من أننا لم نجد أي من وسائل الاعلام العالمية أو المعروفة قامت باستضافة أي من هؤلاء  حيث تجدهم لا يمتلكون حتى الحد الأدنى من مهارات العمل الصحافي فقط يؤدون الدور المطلوب منهم من قبل الأجهزة الأمنية التي تتحكم في المشهد الاعلامي  الوضع السياسي أو التوجهات الثقافية والفكرية السائدة هي بمثابة (البوصلة) التي يعملون من خلالها , بعيدا عن الموضوعية (الشفافية) , ودون أي احترام للقارىء (المتلقي) حيث تجد السباب والشتائم وتبدل المواقف والآراء بين عشية وضحاها هي سيدة الموقف لدى هؤلاء , افتح على صفحاتهم على الفيسبوك أو تغريداتهم حيث تجد التحريض والتخوين والآراء الحلمنتيشية (التهريج) ؟! . ناهيك عن النسخ واللصق الذي يلجؤون إليه من وسائل الإعلام العالمية دون فحص أو تمحيص , والذي بدوره يتطلب خلفية ثقافية واسعة كي يستطيع أي منهم أن يميز بين الغث والسمين بل نجدهم جميعا قد تصدروا المشهد الاعلامي بقرارات رسمية (التعيين) . على الرغم من أن البعض منهم لا يحسن الكتابة ولا حتى القراءة بل نجد البعض منهم يرأس تحرير العديد من الصحف . الشللية حاضرة وبقوة في الصحافة الورقية ورديفتها الإلكترونية , ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تعاطيها مع الأحداث الرياضية , أما في حال تعاطيها مع الأحداث السياسية فلا أحد يلتفت إليها أو يقرأها والكل يتجه صوب القنوات العالمية , وغالبا ما تكون تحليلات العاملين فيها مثيرة للسخرية بل ويتم فرضهم على القارىء بالقوة مع اطلالة كل صباح ومساء .

الاعلام الورقي أو الالكتروني الرسمي تحول إلى عبء وليس عون للدول في صياغة الرأي العام  في الدول العربية يغلب على التركيبة السكانية عنصر (الشباب) والذي بدوره يحتاح إلى من يخاطبه وبنفس العقلية التي يفكر فيها بعيدا عن “مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى” والمتمثل في (الرأي الواحد) .

الوضع في غاية الخطورة وقبل أن يخرج الأمر عن السيطرة لا بد من تدارك الأمر  البدائل المتاحة أمام الشباب كثيرة سواء كان ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل الخبر أو الحدث في نفس اللحظة بعيدا عن (مقص الرقيب) , أو من خلال تقاطع المعلومات حيث يمكن للقارىء أن يصل إلى المعلومة الأقرب إلى الصواب بعيدا عن الوصاية .

اعتقد أن الحل الوحيد لانقاذ الاعلام الرسمي يكمن في (الخصخصة) , ورفع سقف الحرية الذي يعد المقياس الرئيسي والمدخل الى التطوير , وأيضا (التغيير) في الوجوه الاعلامية مطلوب في زمن ثورة المعلومات . والتحول الرقمي بشكل كامل , نحن في زمن لم يعد من المألوف ان تجد شخص يقرأ من صحيفة أو كتاب , بل وخير جليس في الزمان اصبح الجوال والمحمول , وأخيرا الصحافة الورقية تعاني من الترهل الإداري والعجز المالي رغم الدعم الرسمي لها .