سياسة القوة عند الغرب



قال المحدث باسم الخارجية الصينية إن سبب أزمة أوكرانيا هو “عقلية الحرب الباردة وسياسة القوة عند الغرب” . الحقيقة أن العقلية التي تحكم الغرب طوال تاريخه هي (الصدام) , سواء كان ذلك مع من ينتمون إليه في (العرق , التاريخ , الثقافة , الدين) , ويؤكد ذلك الحروب التي نشبت بين الدول الغربية في القرن العشرين والتاسع والثامن عشر وما قبل ذلك بقرون . قال تعالى : وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وأيضا مع من يختلف معهم في العرق والدين واللون مثل المسلمين تجدهم “لَا يَرْقُبُونَ فِى مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ ” . أما المعاهدات التي يقومون بإبرامها مع الدول الأخرى فهي مجرد تكتيك أو إعادة تموضع , وسرعان ما يقوموا بنقضها عندما تحين الفرصة وأحيانا قبل أن يجف الحبر الذي كتبت فيها . في أوكرانيا لا يريدون أن تتوقف الحرب بل يريدون أن يجروا دول أخرى إليها . ويضغطون على أوكرانيا لعدم توقيع أي اتفاقية سلام مع روسيا , فهم يريدونها حرب استنزاف طويلة الأمد على أمل أن تنضم إليها دول الجوار وبالذات تركيا . لقد أدركت القيادة الأوكرانية خبث ودهاء الغرب الذي ورطهم في الحرب ثم تخلى عنهم , ولا يرغب في ضمهم إلى حلف النيتو أو الاتحاد الأوروبي . اعتقد أن الغرب بقيادة أمريكا لن يتردد في تصفية الرئيس الأوكراني في حال جنح إلى السلم , طبعا سوف يتهمون روسيا بذلك وسوف يقوم الاعلام الغربي الموجه بنسج الحكايات والأساطير حول ذلك (الأكاذيب) !! . أمريكا والدول الأوروبية (ضباع العالم) يتبعون سياسة الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن ؛ من ليس معنا فهو ضدنا . فهم يريدون من العالم أن يحارب روسيا نيابة عنهم , وفي نفس الوقت هم من يريد ان يقطف ثمار الحرب عفوا (النصر) , وبالتالي سوف يقومون بفرض شروطهم القاسية على الجميع (السياسة , القوانين , التعليم . الدين ..) ممثلة بالنظام العالمي الذي يتحكمون به ، يعني التبغية الكاملة لهم . يختزل ذلك كله تصريح رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عندما قال : في الماضي استغلوا باكستان من أجل مكافحة الارهاب , والآن يريدون منا أن نكون وقودا لحروبهم , نقول لأمريكا وأوروبا هذا لن يكون . باكستان طوال تاريخها كانت مع المعسكر الغربي وفي المقابل الغرب كان دائما مع الهند العدو التاريخي لباكستان ، الهجمات المكثفة التي قامت بشنها عصابة الحوثي الارهابية مؤخرا على المنشآت النفطية لم تأتي من فراغ , بل كان ذلك بايعاز من طرفي النزاع أمريكا وروسيا , انتقاما من الموقف الحكيم الذي اتخذته القيادة السعودية بالوقوف على الحياد التام . أمريكا تريد من خلال هذه الهجمات ومن خلال رفع الحرس الثوري الايراني من قائمة الارهاب الضغط على المملكة من أجل ضخ المزيد من النفط من أجل الاستغناء عن النفط الروسي , وبالتالي ترك المملكة وحيدة في مواجهة ردة فعل الدب الروسي بعد نهاية الحرب , وروسيا تستقيد من هذه الهجمات من أجل نشر الفوضى في سوق النفط العالمي , وحتى تظل أوروبا بحاجة إلى روسيا في تأمين احتياجاتها من الطاقة (أوراق ضغط) , وبالتالي فمن الأفضل والأسلم للمملكة أن تبقى على الحياد التام في هذه الحرب المجنونة التي أشعلها الغرب .